ماما تحرمني من "الشيبس" - نبأ العرب

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ماما تحرمني من "الشيبس" - نبأ العرب, اليوم الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 04:48 مساءً

في بعض الأحيان تصبح مشاعر الطبيب مختلطة بين التعاطف الإنساني والجدية، وهكذا كان حالي عندما راجعتني طفلة صغيرة مصابة بالسكري وتهمس قائلة: يا دكتور ماما تحرمني من "الشيبس" بينما تسمح لأختي الصغيرة بتناولها أمامي لدرجة أنني أجهش بالبكاء بسبب ذلك.

أدرك تماما المشاعر النفسية التي تمر بها هذه الطفلة عندما تُحرم من أكلة أو حلوى تحبها بسبب مرضها، بينما المحيطون بها يأكلون كل ما لذ وطاب أمام مرأى عينيها، وهنا لنا أن نتخيل حال هذه الطفلة البريئة وهي تتمنى مشاركة أشقائها وذويها وأسرتها في أن تتقاسم معهم تلك الحلوى البسيطة أو شرائح الشيبس، فبعض الأطفال السكريين يشعرون من الحرمان لأنهم لا يتفهمون عدم قدرتهم على تناول كل أنواع الطعام والشراب، لذا على المحيطين أن يكونوا مهيئين بروح هادئة ومرحة لحالات زعلهم عندما يحرمون من مشروب أو حلوى يحبونها.

لا بد أن تدرك الأسر أن وجود طفل السكري داخل البيت لا يعني عزله نفسيا واجتماعيا  وصحيا وتطبيق النظام عليه فقط، بل الصحيح هو أن كل ما ينطبق عليه ينطبق على كل أفراد الأسرة، فليس من الحكمة منع طفل السكري من تناول الشيبس والبسكويت والأطعمة المكيّسة والحلوى حفاظا على سكره وصحته، بينما الآخرون يتناولون كل تلك الأطعمة أمام عينيه، الأمر الذي يترتب عليه انعكاسات نفسية مؤثرة على الطفل لأنه يشعر في ذلك الموقف بمرارة الحرمان، وهنا يأتي وعي ودور الأسرة في تجنب مثل هذه المواقف المؤثرة نفسيا، فإن كان لا بد للأبناء الآخرين من تناول الشيبس أو غيره لا بد أن لا يكون أمام الطفل السكري احتراما لمشاعره وتقديرا لمرضه.

ويتمثل دور الأهل في مساعدة الطفل المصاب بالسكري لتحقيق الهدف العلاجي، والسيطرة والتحكم على المرض، وهي من أهم خطوات تعايش الأطفال مع مرضهم، ولتحقيق هذا الهدف يجب مساعدة الطفل نفسيا وصحيا للوصول إلى مستويات طبيعية من سكر الدم، بالإضافة إلى عيش حياة طبيعية، والنمو بشكل طبيعي، والوقاية من المشاكل الصحية قصيرة وطويلة الأمد، وذلك من خلال مراقبة نوعية وكمية الطعام الذي يتناوله الطفل، والحرص على توازنه، وتشجيع الطفل على الالتزام بتعليمات الطبيب، ومراقبة سكر الدم على مدار الساعة وقد أسهمت تقنيات التحكم بالسكري في مساعدة المرضى على إدارة مرضهم بكل اقتدار.

ولا أخفي إن قلت إن أسر مرضى الأطفال السكريين يحرصون على ضمان أن ينمو أطفالهم بصورة صحية، دون التعرض لأي مضاعفات، من خلال اتباع النمط الصحي وأخذ العلاج، وتتضاعف مسؤوليتهم في مراعاة الجوانب النفسية في حياتهم، فتأثير مرض السكري في الأطفال لا يتوقف على صحتهم الجسدية والصحية فحسب، بل يعتبرون أكثر عرضة للإصابة بالمشكلات النفسية، لذا يحتاجون لعناية خاصة، واهتمام أكثر من غيرهم بتفاصيل مختلفة في حياتهم، كما أن تقديم الدعم الصحيح والحب والاحتواء أمر ضروري لتحسين الصحة النفسية للأطفال المصابين بداء السكري.

وبخصوص "الشيبس" الذي أدمن عليه معظم الأطفال، أوضح أن أضرار تناوله لا تتوقف على السكريين فقط بل تشمل الأصحاء أيضا، فالشيبس يسبب زيادة الوزن لارتفاع سعراته الحرارية واحتوائه على نسبة عالية من الدهون المشبعة، وارتفاع الكوليسترول الضار بالدم، بجانب ضعف الجهاز المناعي، والإضرار بصحة الكلى لمحتواه العالي من الأملاح، وأيضا التعرض للحموضة، وغيرها من الأضرار، لذا وجب على الأهالي الانتباه جيدا إلى تغذية أبنائهم وحمايتهم من أضرار الأطعمة غير الصحية، فما زالت أجسامهم في طور النمو وتحتاج جميع أجهزة الجسم لديهم إلى الغذاء السليم لتتمكن من محاربة الجراثيم والفيروسات التي قد تهاجمهم، لذلك يمكن تحضير الشيبس في البيت بطريقة صحية وآمنة بدلا من الأكياس المغلفة الجاهزة.

ختاما، أؤكد على ضرورة التعامل مع مرض سكري الأطفال على أنه مشكلة أسرية متكاملة من الناحية الصحية والاجتماعية، وعلى الرغم من أن المرض يلازم الأطفال السكريين بقية حياتهم، فإن التحكم الجيد في مستويات الجلوكوز عن طريق العلاج يجعل المصابين مثل الأصحاء، ويتمتعون بجودة حياة أفضل، فمقارنة بالسنوات الماضية أصبح وعي الأطفال وأسرهم بداء السكري كبيرا، وخصوصا في ظل ما شهده المرض من تطورات علاجية وتقنيات متقدمة للتحكم بالمرض.

أخبار ذات صلة

0 تعليق