نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حرب الشائعات.. استعراض تشريعي وتحليل قانوني - نبأ العرب, اليوم الأربعاء 13 نوفمبر 2024 07:51 مساءً
الأربعاء 13/نوفمبر/2024 - 07:42 م 11/13/2024 7:42:19 PM
تُعَدُّ الشائعات في المجتمع المصري إحدى الآفات الاجتماعية المستشرية التي تتسلل إلى نسيج الأمن والاستقرار، فتُحدِث ارتباكًا وإثارةً للرأي العام، وتقوض أركان الثقة في المؤسسات الرسمية، وتمتد آثارها إلى زعزعة الاقتصاد الوطني، ولذا، لم يقف المشرع المصري مكتوف اليدين، بل استنفر نصوص التشريع الجنائي ليعالج هذه الآفة وفق أسس قانونية صارمة ورادعة.
وتنص المادة 102 مكرر من قانون العقوبات على أن تعمُّد نشر أخبار كاذبة أو بيانات أو شائعات تضرب في المصلحة العامة يُعَدّ جريمة تستوجب العقاب. وتُفرَض على من يروِّج لمثل هذه الأكاذيب عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة مالية تُراوح بين خمسمائة جنيه وعشرين ألف جنيه، إذ يسعى القانون بهذا الإطار إلى تجفيف منابع الفتنة وكبح تداعيات الشائعات التي تنال من استقرار المجتمع.
وعلى نحوٍ أكثر دقة، استند المشرع إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، حيث أورد في المادة 25 ضرورة التصدي بحزم لاستخدام الوسائط الرقمية لنشر الشائعات التي تمسّ الأمن العام وسمعة الأفراد والهيئات، وتتراوح العقوبات المقررة في هذا الشأن بين الحبس لمدد تصل إلى خمس سنوات وغرامات مالية مشددة، تأكيدًا على أن التشريعات الحديثة باتت أكثر صرامة في معاقبة مستخدمي التكنولوجيا للتلاعب بمعلومات الجمهور.
ومن ثمّ، يتضح أن التشريع المصري بحزمة نصوصه القانونية قد أولى عناية خاصة لمسألة التصدي للشائعات بوصفها تهديدًا جوهريًا لاستقرار الأمة، ويهدف هذا التأطير القانوني الرادع إلى ترسيخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية، وتحقيق الردع العام، وتعزيز اليقين القانوني، بما يسهم في الحفاظ على استقرار الدولة وحماية مصالحها العليا، إلا أننا لا يمكننا القول بكفاية ذلك أو قدرته على تحقيق الردع العام، ذلك أن التطور التقني في وسائل بث ونشر الشائعات يتسارع بوتيرة تجعل من الضروري جدًا على المشرع أن يرصد هذا التسارع في التطور التقني ليواكبه بتسارع موازي في التطور التشريعي.
المستشار الدكتور/ هشام الرفاعي
رئيس محكمة الاستئناف الأسبق
أستاذ القانون بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
المحامي بالنقض والدستورية العليا
أخبار متعلقة :