نبأ العرب

13 نوفمبر 1918 - نبأ العرب

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
13 نوفمبر 1918 - نبأ العرب, اليوم الخميس 14 نوفمبر 2024 08:00 مساءً

مَن مِنا الآن يتذكر دلالة هذا التاريخ وموقعه فى مسيرة مصر فى القرن العشرين؟ أخشى ألا يتذكر أحد الآن هذا التاريخ، فكما يُقال «آفة حارتنا النسيان»، ولكن كيف ننسى هذا اليوم المجيد فى تاريخنا؟!

هل تعلم عزيزى القارئ أن هذا اليوم كان عيدًا من الأعياد القومية، وكان يوم عطلة رسمية! إنه عيد ثورة ١٩١٩، المعروف رسميًا وحتى ١٩٥٢ بعيد الجهاد. فى مثل هذا اليوم ذهب الزعيم سعد زغلول ورفيقاه عبدالعزيز فهمى وعلى شعراوى- هل نتذكر هذه الأسماء؟- إلى مقر المندوب السامى البريطانى، ليطلبوا السفر إلى أوروبا للمطالبة برفع الحماية البريطانية عن مصر، وبالتالى استقلال مصر. ويبقى السؤال: لماذا ذهبوا إلى المندوب السامى البريطانى لطلب السفر؟ ببساطة شديدة لأن بريطانيا كانت قد فرضت الأحكام العرفية على مصر طيلة فترة الحرب العالمية الأولى، وبالتالى لا يستطيع أى مواطن مصرى السفر دون التصريح له بذلك.

وفى حقيقة الأمر لم يكن ذهاب الزعماء الثلاثة إلى المندوب السامى البريطانى لمجرد الحصول على إذن بالسفر؛ إذ تشهد المحادثة المثيرة التى جرت بين المندوب السامى والزعماء الثلاثة بأن الهدف الأساسى كان استقلال مصر. حيث سألهم المندوب السامى مستنكرًا: إذن أنتم تطلبون الاستقلال؟ أجاب سعد زغلول بقوله: نعم، ونحن له أهل، وماذا ينقصنا ليكون لنا الاستقلال كباقى الأمم المستقلة؟!

إن النظر لهذا التاريخ، أقصد ١٣ نوفمبر، له دلالة مهمة؛ إذ انتهت الحرب العالمية الأولى يوم ١١ نوفمبر، وخرجت «بريطانيا العظمى» منتصرة فى الحرب، وكانت تُخَطِّط لتحويل مصر إلى «مستعمرة»، وليس بلدًا تحت الحماية البريطانية كما كان عليه الحال أثناء الحرب. من هنا وحتى قبل نهاية الحرب بأسابيع بدأت الدعوة لتشكيل وفد مصرى للمطالبة بالاستقلال. وكانت ذروة هذه التحركات هو ما حدث يوم ١٣ نوفمبر. وعندما شَكَّك المندوب السامى البريطانى فى مشروعية «الوفد المصرى»، وقال إنه لا يُمَثِّل الشعب المصرى، هنا ظهرت فكرة «التوكيلات»، وهى حركة شعبية لجمع التوكيلات، من أجل منح الشرعية لسعد زغلول ورفاقه للمطالبة بالاستقلال.

ووقعت بريطانيا فى الخطأ نفسه الذى وقع فيه الكثير من حكام مصر، وهو عدم فهم نفسية الشعب المصرى؛ إذ لم تتصور أن توقظ حركة الوفد الشعب المصرى إلى درجة تدفعه إلى الثورة. حتى إن دار المندوب السامى البريطانى فى مصر كتبت إلى وزير الخارجية البريطانية تقلل من خطورة حركة الوفد، وتقول إن الأمور هادئة.

وعندما قامت السلطات البريطانية باعتقال سعد زغلول ورفاقه يوم ٨ مارس ١٩١٩، لم تتصور بريطانيا العظمى أن فى اليوم التالى- أى ٩ مارس- ستبدأ ثورة شعبية فى مصر، هى بالفعل أكبر ثورة شعبية فى تاريخ مصر؛ إذ شملت كل فئات المجتمع المصرى، ولأول مرة يشهد التاريخ المصرى اندلاع ثورة شعبية تشمل الحضر والريف، وتعم مصر من شمالها إلى جنوبها. إنها ثورة ١٩١٩ التى وصفها أحمد لطفى السيد «أستاذ الجيل»، وهو أحد زعمائها، بأنها: «النهضة المصرية المباركة».

لقد اختار الشعب المصرى يوم ١٣ نوفمبر ١٩١٨ عيدًا للجهاد الوطنى؛ فلماذا تم إلغاء هذا اليوم؟ ومَن يملك إلغاء أعياد مصر الوطنية؟!

أخبار متعلقة :