الطواف في رحاب الميثولوجيا الشعبية - نبأ العرب

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الطواف في رحاب الميثولوجيا الشعبية - نبأ العرب, اليوم الخميس 21 نوفمبر 2024 01:09 صباحاً

كان اختيار المنتج معتز عبد الوهاب لرواية  جنازة البيض الحار لتحويلها لعمل سينمائي وهي رواية للكاتب والصديق الرائع حافظ سِر المدينة الأقدر والأفضل محمد عبد الجواد وقع مليئ بالفرح والإنتصار النفسي لي لهذا النجاح.

سيكون الفيلم بعنوان " جنازة حارة " من كتابة ورشد سرد – مريم نعوم.. شارك البوستر الخاص بالفيلم والذي يُعطي إنطباع دَسم لحكاية مُعبئة بالتفاصيل في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وكان لهذا له سعادة مُضافة.. وأسجل هنا أن ما بعد جناز البيض الحار التى ستخرج لنور السينما سيكون أكثر ثِقلًا فما عِند محمد عبد الجواد في رواياته سَيخط ملاحم دارامية في المستقبل بمشاهد وحكايات ستظل عالقة في نَفسية قطاع عريض من المصريين وهي شهادة أضعها للأيام بإيمان مخلصين في ما يخطة عبد الجواد.

 

هذه النوفيلا بداية من غلافها ووجوه الحاضرين به

اختيار يُحاصرك بالأصالة المصرية الخالصة  ، غلاف يُحاصرك بالإطمئنان، الإبتسامة وكثير من التساؤل عن نفسية هؤلاء وماهية وجودهم ؟!

إتقان اختيار الصورة لدى محمد عبد الجواد كفكرة أظنها في البداية لِحصار القارئ قبل أن يصحبه في رحلة من التفاصيل داخل المَتن 

يقول لك من الخلاف الذي اختاره بعناية محترفين " تعال هنا أنت معي حتى الصفحة الأخيرة وفي جلسة واحدة "

 

شخصية النوفيلا: شريف البيض 

 

لسنوات طويلة عِشت في أجواء التجار والأسواق في المنصورة، وكذلك كنت بائعًا شابًا في سوق المكاتب بالزقازيق ووقعت عيني على كثير من أمثال الحاج شريف البيض

فيما كان عمي الأكبر يقول عن أمثال الحاج شريف البيض من تجار البويات المتكبرين الجامحين نحو السيطرة والطمع " الجعانيين " 

النجاح الأمثل في شخصية شريف البيض حسبما خَطها أستاذ محمد عبد الجواد 

أنه شكلها سينمائيًا في مخيلتي قبل أن تكون خطوط روائية 

الشكل السينمائي في صفحات الرواية هو قُبح مقيم لشريف البيض 

الرجل قبيح الفِكر، العادات والتقاليد، الأسلوب، الكلام والأكثر من ذلك في تبيان طَمعه وجشعه الحياتي على كل شيء تقريبا من حوله على المستأجرين لديه، الست صفاء، بناته في الظل والمحيط القروى الذي يعيش فيه..

أصر محمد عبد الجواد أن يخلق هنا صراعًا نفسيًا غريبًا في رأيي رغم كل هذا السوء في شخصية شريف البيض

وضعنا في حالة القرية التي تبحث عن رجل مكروه بِجد وإخلاص ونية حريصة على الوصول له 

لكن لأى سَبب يا تُرى ؟!

هل فقط لإرضاء الست صفية زَوجة كل هذا القبح، وهل هذا تضامن معها كونها نفسيًا في مُخيلة الجميع طرف ضعيف في معادلة مُجبرة عليها للحياة مع شريف البيض !؟

أم لحاجة أخرى في نَفس الشعور الجمعي للقرية ألا وهي شيء من الإثنين 

التشفى الخَفى والتأكد التام أن الرجل فَطس بلا رجعة بالوباء أم لتأكيد فكرة الميثولوجيا الشعبية بأن رجل عاد للحياة من الموت ؟

 

القارئ هنا هو من يقع عليه التحديد وكأن الرواية عَمل تفاعلي مباشر يضعك إجباريًا أمام إختيار

أنا رَجحت الإختيار الثان

محلة وردان اختارت أن تُسطر الميثولوجيا بقوة وتؤكد حضورها وإن كانت متمثله في شخص شريف البيض

وربما يستخدم العقل الجمعي لأهالي القرية المشاركين في البحث عن الحاج شريف البيض هذا الجانب السيئ كدلالة أسطورية أن الرجل به شيء ما لله أراد الله أن يظهره على رؤوس الأشهاد..

المجتمعات المحلية في مصر أسيرة الأسطورة وتؤكدها في كل مناسبة بالرواية الشعبية المتوارثة وبالإضافات العُمريه مع كل عقد ومع كل ناقل 

عُقد الوَرد الأبيض الذي قلدته محلة وردان للحاج شريف البيض بعد عودته للحياة من كورونا ميتًا

هو تأصيل وعَقد غير مكتوب، لكنه سُطِر في النفوس ديمومة الحفاظ على الأسطورة..

خلق أسطورة جديدة من شريف البيض عائدًا من الَموت 

النوفيلا ضعتني أمام إيماني بالأسطورة صغيرًا في قريتي وكَم استقصيتُ حتى كِدت أموت في أحد مرات طفلًا خلف الأسطورة القروية 

عن ثعبان مصنع الطوب المهجور الذي تطل رأسه من أعلى المدخنة على طريق ميت بدر وأن من سيذهب إلى حدود المصنع سيقبع أسيرًا في جدران المدخنة للأبد..

وأسطورة أخرى عن مقام سيدي رمضان الموجي وسِر الشجرة المجاورة للمقام التي لا تموت لأنها حسب الموروث الأسطورى القروي قتل سيدي رمضان الموجي فيها أفعى عظيمة كانت تحرم الأهالي من التظلل بِظل الشجرة..

جنازة البيض الحار لكل من يقرأها من ناحية خلق الأسطورة الشعبية ستضعه أمام أسطورته التي صدقها يوما ما أو أمن بها كموروث شعبي عابر أو إيمان حقيقي بشئ ما عابر لما وراء الطبيعة..

جنازة البيض الحار لمحمد عبد الجواد 

هي رواية تفاعلية نفسية تُجبرك أن تُحدد مكانك من الأسطورة الشعبية ومن الموقف النفسي تجاه التركيبة الغرائبية من تطلعات الناس في الحكم على المواقف

واسأل نفسي في النهاية 

إلى مدى يطمئن المصريون بالإسطورة إلى هذا الحد وماذا تثبت في نفوسهم كي تشعرهم بكل هذا الرضى والإستسلام للحكاية ؟

وهل هذا الشعور هو تمام الهزيمة أم مُكمل نفسي شعبوي لا يمكننا الفكاك منه !؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق