نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قيم الدين والحضارة الغربية - نبأ العرب, اليوم الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 04:57 مساءً
في هذه المقدمة ذكر ابن خلدون حديثا عن الحضارات وأنها تسير في حركة تشبه حركة الدائرة إلى حد ما، بمعنى أنها تنشأ من نقطة الصفر (اللاشيء) ثم تعود إلى ذلك الصفر عند مرحلة الأفول عبر مراحل تاريخية متتابعة، السؤال الذي يشغل اليوم العديد من مفكري الغرب يتعلق بمخاوف تلاشي وأفول الحضارة الغربية، ابتداء من المفكر الفرنسي إيمانويل تود إلى الأمريكيين: الاقتصادي الشهير ستيجليتز وعالم القوة الناعمة جوزيف ناي والمفكر الشهير فريد زكريا وغيرهم، فجميعهم يطلقون صيحات الإنذار والمخاوف حول أفول الحضارة الغربية!!
وجهة النظر الأخرى يقودها جانب آخر من المفكرين يرون أن هذه الصيحات ليست إلا سمة من مفاخر ومزايا الحضارة الغربية، بمعنى أن سر الحضارة الغربية يكمن في آلية النقد التي تصوب حركة المسار وتعدله نحو المسار الصحيح، وهذه السمة لا توجد في أي حضارة في التاريخ، بمعنى أن الحضارة الغربية خارجة عن سياق دائرة ابن خلدون، وإنما هي تخضع لمفهوم الخط المستقيم الذي له بداية وليس له نهاية، فهو مستمر بالانطلاق نحو المستقيم بفضل المنهجية النقدية التي تعدل مسار الخط الحضاري باتجاه الاستقامة كلما حاول الانعكاف لتشكيل الصورة الدائرية، وهذا بفضل المنهجية النقدية التي ابتدعها رائد الحضارة الغربية الحديثة الفيلسوف الألماني الشهير إيمانويل كانط.
نعود إلى وجهة النظر الأولى من خلال علم المستقبليات FUTUROLOGY، وهو فن بناء افتراضيات مستقبلية بناء على دراسات علمية وحسابات دقيقة تعرف بعناصر المخاطرة، حيث تتنافس اليوم المعاهد والجامعات الغربية على هذا العلم الحساس، لا سيما بعد بروز تقنيات الذكاء الاصطناعي، فمثلا، تنبأ الكاتب إيمانويل تود في كتابه الشهير (السقوط النهائي) الذي صدر قبل 13 عاما من إزالة جدار برلين، بسقوط الاتحاد السوفيتي وفق تحليل علمي دقيق، وهو الآن من أكبر المتنبئين بأفول الحضارة الغربية، أيضا عالم المستقبليات الشهير ألفين توفلر تنبأ بانهيار الاتحاد السوفيتي بطريقة علمية عجيبة، وبعد أن تحققت نبوءته فاجأ الغرب بتنبئه بأفول نجم الولايات المتحدة أيضا، ابتداء بانفصال الولايات الغنية عن منظومة الاتحاد بسبب تباين الرؤية الإدارية حول توزيع الثروة!!
خاتمة القول، يعتقد الكثيرون من مفكري الغرب المعاصرين أن نظام الليبرالية بشقيه السياسي (الديمقراطية) والاقتصادي (الرأسمالية)، هو الحل الناجع لأي مجتمع بشري، ويتغافلون بشدة عن قيم الدين والأخلاق رغم دراسات كانط المبكرة عن أهميتها في الحضارة الغربية، هذه الأزمات هي التي تقلق اليوم المجتمعات والشعوب في كل بلاد الغرب، ففي الانتخابات الأمريكية الأخيرة نجح ترامب في أن يعود إلى البيت الأبيض باكتساح انتخابي رهيب، رجال الدين الإنجيليون والكاثولوكيون والأسر المحافظة، وكذلك المهاجرون اصطفوا جميعهم خلف ترامب لأنه يناصرهم في قضايا قيم الدين والأخلاق الفطرية تجاه الأمومة والإجهاض والمثلية وغيرها، وربما تشكل هذه نقطة مهمة في تصويب مسار الحضارة الغربية عن تشكل الدائرة الخلدونية!!
أخبار متعلقة :